سيجال شـپيرا
ترجمه من العبرية : سمير نقاش
البستان
أغدقت عليها السماء من خيراتها الوافرة ولم تحرمها شيئاً، سارت حياتها تحت رعاية زوجها – وهو رجل أعمال محترم، في هدوء واطمئنان ، حياة أشبه بمياه نبع تتدفق في البستان القائم بجوار بيتها، وكأشجاره حملت هي الأخرى ثمراً. صحيح أنها لم تلد له غير الإناث. فهناك ثلاثة رموز للبنين، إلا وفيها بعض الفائدة، إذ لا يستحق الإنسان حياة الآخرة بدون ولادة إناث له. كانوا يسمونها "أم دهود" باسم الولد الذي سوف يولد، وقد وهبها هذا الاسم الذي سماها به معارفها نفحة من الكرامة وأضفى عليها الثقة بالنفس، لكن عاملاً آخر عمل على محو كيانها واستقلالها كان موجودا، ولولا أن أمها حرصت، وكما يليق بعلاقات الأم بابنتها على دعوتها بالاسم الذي سمتها به عند ولادتها لكانت "أم دهود" قد نسيت اسمها الحقيقي يوم ولدت.
منذ نعومة أظافرها أعدتها أمها فتصبح زوجة ولان تدير الأعمال المنزلية، ولما تزوجت أم دهود، عرفت جيداً ما الذي يُراد منها، وكان زوجها في أولى قائمة اهتماماتها، وهو المحور الذي دارت حياتها من حوله، وحرصت على مداراة هذا المحور بلا هوادة، كانت تطهي له من افضل المأكولات التي عرفتها الطائفة، وكلفت نفسها عند مائدته (وهي تنظر إلى وجهه لتستوعب ما يدل على رضاه) واعتنت بثيابه، واعدت له فراشه وفتحت له فخذيها كلّما طلب ذلك، ولم تكف يوما عن كدحها وتفكيرها فيما يريد متفادية عن طلباتها ولوازمها . وكان وعيها خاليا من كل القضايا الفلسفية حول من أين جاءت والى أين هي ماضية ولذا لم تتساءل عن ماهية وجودها، لم تبحث عن نفسها ولم تشأ "أن تحقق ذاتها" كما هو الحال في أيامنا بل فتحت بابها للغني والفقير بلا استثناء، فكل شيء إنما يأتيها من السماء وما من شيء يمنعها من إشراك الخلائق بسعادتها، وقد كافأها هؤلاء وحملوا اسمها في المدينة كمثال للمرأة الفاضلة.
to be continued
עוד תוצאות מתוך israblog.co.il »